السفر الأخير _ قصة قصيرة / ليلى عبدلاوي _المغرب

حمله جسده فجأة الى مرج واسع، الوقت أصيل وأشعة الشمس تتناثر على الأديم بينما الظلال تغطي أجزاء اخرى.
أصوات غريبة، نباتات رمادية متفاوتة الاحجام. تناديه أن اقترب.
انتبه أن في يديه ريشة وألوانا، أراد ان يتوقف ليرسم شيئا جميلا لكن قدميه لم تكونا ملكه، كأنها جسد آخر لوحده.
لم يستطع تبين الهيكل الذي كان يدنو منه، لم يكن له شكل يذكر، كان يقترب منه مغلفا في ظلال سوداء.
أحس فجأة بأشعة حارقة تدمي عينيه لكنها تدفئ قلبه.
حاول ان يقترب أكثر، يتبين معالم هذا الشيء المضيء، تجمدت قدماه، أخذت الرسوم على اللوحة تتقاطر ماءً، واصل سيره، خيل إليه أنه يرى أشجار نخيل باسقة محملة بالرطب .
سمع صوت طبول بعيدة، أصوات غناء وتصفيقات لابد أنها حفلة زفاف.
أخذت الاغصان تلوح له أن يقترب أكثر ومعها أطياف متراقصة تهمهم بكلام مبهم.
اندهش لكنه على غير عادته لم يشعر بالخوف، أحس بالعطش، تراءت له بركة ماء لكنه اكتشف أنه سراب.
لابد أن الماء ليس بعيداً، الطيور كثيرة في هذه الواحة، اصطفت في مكانها تحييه وتبتسم له.
أدرك أنه حان الأوان أن يتوقف عن تعذيب نفسه ، يودع تلك التساؤلات والهواجس.
استقرت لديه صورة الغابة وابتدأ يألفها، أخذ يقترب منها في ثقة، لم يدرك له معنى وأحاسيس كان يظن أنه نسيها أو تناساها منذ زمن، كأن ثوبا شفافا كان يحجبها عنه عهودا لا يدرك مداها.
أطربه صوت العصافير وامتلأت ثنايا صدره بأريج منبعث من أوراق البنفسج.
أحس بجناحين يولدان من كتفيه، اختفى أديم الأرض فجأة، تضاءلت الطبيعة، الأشجار السامقة استحالت مشاتل صغيرة والغيوم قطنا ابيض والعصافير نقطا سوداء.
قهقه عاليا، أراد التحليق أكثر، نظر إلى السماء، هاهو باب يفتح على وجه مألوف حبيب إلى قلبه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *