مؤتمر المناخ.. رؤية ثاقبة للرئيس وتنظيم أبهر العالم والنتيجة نجاح فاق التوقعات
لم تكن الدورة 27 لمؤتمر الأطراف COP27 التابع لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ والتى عقدت بمدينة شرم الشيخ، حدثا هينا أو مجرد مؤتمرا عابرا، وإنما مثلت اختبارا قويا للدولة المصرية، وانتصر فيها التنظيم الجيد والتحضير القوى والرؤية الثاقبة لتاريخ مصر، لتثبت أنها دولة قوية ومسئولة وقادرة على استضافة الأحداث الكبري، إذ تعد قمة المناخ أكبر حدث في العالم يضم جميع الدول، فقد استقبلت مصر نحو 40 ألف زائر في مدينة السلام، حيث ظهرت مصر في أبهى صورها، وهو الأمر الذي أثار إعجاب المشاركين بقدرة مصر على تنظيم هذا الحدث الضخم.
ولطالما حظيت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في افتتاح فعاليات قمة المناخ COP27 ، بتأييد ودعم جميع زعماء وقادة العالم ، فقد أبرزت وسائل الإعلام العالمية ، دعوة الرئيس لتوحيد الجهود من أجل وقف الحرب الروسية الأوكرانية وإحلال السلام والتركيز على مواجهة مخاطر التغيرات المناخية، بالإضافة إلى مبادرة مميزة أطلقها الرئيس ، لإنشاء منصة لتقييم أثر الحروب على تغير المناخ والبيئة، والتفكير في جمع مئات المليارات، لمساعدة الدول النامية على التصدي لتغير المناخ.
كما عكست قمة المناخ حالة الود والتقارب التى جمعت الرئيس السيسي بالسيدة نانسي بيولسي ، رئيس مجلس النواب الأمريكي ، أحد أقوى النساء في العالم، والتى اجتمعت مع الرئيس لمناقشة عدد من القضايا الإقليمية والعالمية محل الإهتمام المشترك ، لتؤكد أن العلاقات المصرية الأمريكية في أفضل أحوالها وليس كما يشيع البعض ، وهو ما أكدته زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن التى استمرت لمدة 3 ساعات وصف فيها مصر ب”أم الدنيا” وأنها الأحق باستضافة قمة المناخ ، في اعتراف ضمني هام بالدور الذي تلعبه مصر إقليميا وعالميا، وحرص الولايات المتحدة على حماية وتعزيز هذه العلاقات في ظل ما يتعرض له العالم من متغيرات سياسية واقتصادية.
وربما كان ذلك سببا في إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن، خلال كلمته التي ألقاها اليوم في مؤتمر قمة المناخ تقديم مبلغ 500 مليون دولار، لدعم تحول مصر للطاقة الخضراء، مؤكدًا دعمة الكامل للطاقة النظيفة التي يحتاج إليها العالم ، كما جاءت كلمته متفقة تماما مع الرؤية التى تتبناها الدولة المصرية بشأن ضرورة توحيد الجهود لمواجهة التغير المناخي، وان تكون الدول الغنية داعمة للدول النامية في مواجهة التغيرات المناخية المحتملة، والتحول للطاقة الخضراء خاصة الدول الأفريقية المعرضة للجفاف والفيضانات متأثرة بالتغيرات المناخية التي يشهدها العالم، حيث خصص مبلغ 150 مليون دولار لدعم الدول الأفريقية في مواجهة التغيرات المناخية أيضا .
وهو ما يؤكد نجاح مصر في دفع الدول الكبرى نحو تنفيذ تعهدات قمة باريس، وتعويض الدول الأفريقية المتضررة من التغيرات المناخية، فعلى الرغم من أن القارة السمراء هي الأقل مساهمة في إجمالي الانبعاثات على كوكب الأرض بنسبة لا تتخطي الـ 4% ، إلا أنها الأكثر تضررا حيث تعاني بعض المناطق من الجفاف والتصحر بالإضافة إلى الفيضانات في بعض المناطق ، وهو ما يتطلب تحرك سريع من جانب دول العالم لمساعدة ملايين من البشر مهددون بترك أوطانهم نتيجة الظواهر الطبيعية المصاحبة للتغيرات المناخية.
وكان لحزب الوفد عدد من التوصيات بشأن قمة المناخ، منها توسيع مشاركة المجتمع المدني ضرورة في مواجهة القضايا المناخيةوالبيئية كحلقة وصل بين الحكومة والمواطنين في تنفيذ سياساتها، من أجل وقف معاناة كوكب الأرض، وهذا لن يتحقق إلا في وجود هياكل تنظيمية تحتوي المواطن وتنظم جهوده، لخدمة القضايا البيئية، وبناءه فكريا وثقافيا من خلال إطلاعه على كافة المعلومات والعقبات التى تنمي قدراته، ومن ثم يمكنه المشاركة في تنفيذ سياسات الدولة في هذا الصدد.
وتعزيز جهود الدولة نحو خفض معدلات انبعاثات الغازات المتسببة في ارتفاع درجة حرارة الأرض، والعمل على تقليل الاحترار العالمي باعتباره السبب في موجات الطقس السيئ وتقليل الجفاف الذي أصاب البيئة والأرض، بالتزامن مع وضع خطط وتدابير تنفذ على أرض الواقع للتكيف مع التغيرات المناخية .
فنحن داخل حزب الوفد نتطلع لخروج القمة بإجراءات حاسمة لحماية الكوكب، مع مراعاة التغيرات العالمية التي ضاعفت من خسائر الدول النامية بسبب التغيرات المناخية ، فالتغيرات المناخية أصبحت خطر يهدد الإنسانية.
والحقيقة أن تنفيذ سياسات الدولة يتطلب بيئة تشريعية محفزة وتعزيز البعد البيئي في جميع المجالات، لذلك سأحمل على عاتقي خلال الفترة المقبلة التقدم بمقترحات تشريعية تدعم القضايا البيئية، وتعمل علي تحسين الوعي البيئي، وهنا أدعو الحكومة إلى إعادة النظر في قانون البيئة الحالي وإجراء تعديلات تلائم التغيرات المستمرة في مجال البيئة والمناخ على مستوى العمل.
هذا كله بالإضافة إلى العمل على مراعاة البعد البيئي في كل سياسات الدولة، فعلى عكس ما يتصور البعض فقضية التغيرات المناخية لا يمكن حلها في يوم وليلة، ولكنها قضية دائمة تحتاج إلى تغيير سياسات وآليات وخطط على المدى القريب والمتوسط والبعيد ، فلابد من العمل على تغيير الثقافة البيئية للمواطنين، وتوعيتهم بمراعاة البعد البيئي في جميع تصرفاتهم وسلوكياتهم ، لذلك لزاما على الدولة المصرية التى تتبنى سياسيات جادة لمواجهة التغير المناخي ، أن تبدأ التوعية البيئية منذ الصغر ، من خلال تدريس مادة الوعي البيئي لكي تساهم في تشكيل وعي الأجيال القادمة.
كما أؤكد على ضرورة وجود منصة خاصة بدعم الاستثمارات الصديقة للبيئة وتقديم الدعم اللازم لأصحابها، مع منحها العديد من الحوافز لتشجيع المستمثرين على دخول هذا المجال ، وإنشاء مركز بحوث متخصص في الطاقة الشمسية للمناطق الصحراوية، وهو الاقتراح الذي تم مناقشته في جلسة “نحو الوصول إلى صفر انبعاثات كربونية”، وإطلاق استراتيجية وطنية لتوطين الصناعة المحلية لجميع عناصر سلسلة إنتاج الهيدروجين الأخضر .
وأدعو وزارة البيئة للتعامل مع قمة المناخ باعتبارها بداية حقيقية نحو تغيير البيئة المصرية بداية من دعم مشروعات إعادة التدوير، والاهتمام بالمساحات الخضراء، والتخلص من شبح القمامة الذي يهدد الشارع المصري، والاهتمام بالمساحات الخضراء، وتشجيع المواطنين على زراعة كل المساحات المتاحة في منازلهم ، فهي خطوة رغم بساطتها إلا أنها قادرة على تقليل معدل الانبعاثات بالإضافة إلى المظهر الجمالي الذي ستضفيه على الشارع المصري.
وأخيرا الدولة المصرية نجحت بما لا يدع مجال للشك في إدارة قمة المناخ كما أرادت ،وحققت العديد من المكاسب على المستوي السياسي والاقتصادي أيضا، مصر أكدت للجميع أنها دولة كبيرة على رأسها قائد قوى لديه قدر كبير من الحكمة والذكاء تمكنه من التعامل مع المتغير العالمية ، مع الحفاظ على الموقف المصري الثابت تجاه القضايا الإقليمية والعالمية ، الرافض للتدخل في شؤون الدول الآخري، والتأكيد على دعم الأنظمة الوطنية في العالم، والسعى نحو إحلال السلام في كل شبر في هذا العالم، باعتبار أن الأمن والاستقرار حق من حقوق شعوب العالم التى يجب أن تتحقق، لتصبح cop27 نقطة مضيئة في التاريخ المصري